الإثنين 11 مايو
24 يومًا مرت منذ آخر مرة كتبت فيها يوميات وهي أطول فترة تمضي منذ بداية العام، لأنه ومع بدايته عاهدت نفسي على الكتابة الشبه يومية لكل ما يجول بخاطري من أحداث وخواطر أبوح بها. التزمت بالأمر مع وجود استثناءات ليومين أو ثلاثة على أقل تقدير لكن هذه المدة الطويلة تعد سابقة طيلة الخمسة أشهر. كتابة اليوميات ليست جديدة بالنسبة لي فمنذ زمن غير قليل مارست حديث النفس لفترات متباعدة ولكن لم أكن ملتزمة تجاه نفسي من هذه الناحية، لكن مع بداية العام أتى القرار الشخصي الفاصل والمعاهدة على تطوير الكتابة أكثر عن طريق تسجيل اليوميات، فطالما شدد العديد من مطوري الذات ومهارات الحياة على أن الأفعال الصغيرة المستمرة يكون لها الأثر الكبير في المستقبل القريب فلا يمكن أن تضع لنفسك هدفًا بأن تؤلف كتابًا دون عمل تمارين الكتابة اليومية البسيطة (الشكر موصول لمؤلف كتاب العادات الذرية على هذا الإلهام). ذلك التغير شمل أيضًا طريقة الكتابة فسابقًا كنت أكتب تلك السطور داخل دفاتر شخصية تتنوع تصاميمها وأهدافها لكنها تتشابه بوجود ورق مفرغ وقلم حبر يملأ تلك الخطوط المتفرقة، مع بداية هذا العام وكنوع من التحدي جعلت المذكرة ألكترونية تزيد صفحاتها بازدياد الأيام وعنونة كل كتابة باليوم والتاريخ المصاحب لتلك الذكريات. النتائج كانت رائعة فالاستمرارية حدثت وتوليد الأفكار لمواضيع أسجلها في المدونة ازدادت، في المقابل أتت الأيام الأخيرة مبشرةً بفتور عجيب، فتكملة ترجمة المقالات التي كان من المفترض انهائها في أسبوعين، سأكمل الشهر وإلى الآن لم أنتهي منها بعد رغم توفر الوقت الكافي، الرغبة في خلق أفكار جديدة أصبح صعبًا. في بداية الحجر لم أكن أعتقد أن يكون هنالك تأثير كبير علي، كان يغمرني شعور بالاطمئنان والراحة، ما مصدرها؟ لا أملك الإجابة الوافية لكن يمكن اختصارها بحدس، بدأ عداد الأيام في الزيادة ومعه ظهرت معالم عدم وضوح الرؤية وكثرت التساؤلات حولها، إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ وإلى متى سأسأل نفسي مئة سؤال قبل الخروج من المنزل وتصنيف الفعل إلى ضروري أو غير ضروري، مواعيد للمستشفى ألغيتها بسبب تلك التساؤلات، الخوف من الأغراض المنزلية القادمة من الخارج، التعقيم المستمر، عدم رؤية أشقائي وشقيقاتي منذ أكثر 50 يومًا، أفتقادي للعب مع أبنائهم والذهاب لمحل الألعاب لشراء بعض المفاجئات لهم. نعم يوجد نصف كأس ممتلئ هنا فممارسة اليوغا أصبحت جزء من الروتين اليومي وعادة لا أعتقد الآن بأنها ستغادرني قريبًا وهو شيء عملت على اكتسابه منذ سنوات، في المقابل عادة المشي بدأت أفقدها تدريجيًا ففي السابق اعتدت على 40 دقيقة إلى ساعة عند ممارسة هذه الرياضة أما الأن قلت عدد مرات تكرارها في الأسبوع وانخفض المعدل إلى 20 دقيقة أن لم يكن أقل. هذا العام كنت سعيدة بعودة شهية القراءة من جديد حتى وصلت لإتمام 10 كتب بمعدل 2ونصف كل شهر تقريبًا لكن منذ شهر إلى الآن يوجد كتاب توقفت عند منتصفه ولم أستطع إنهائه. التسلية بمشاهدة المسلسلات والأفلام والتي أحب صحبتها كثيرًا خف وهجها ولم تعد هناك الرغبة.
الغريب من أين يأتي ذلك الخوف والقلق، هل هناك مشاريع كنت عاقدةً العزم على إتمامها فأتى الوضع الحالي عائقًا على إكمالها؟ لا، هل هناك قرارات مصيرية كانت تلوح في الأفق فأصبح من الصعب علي أتخاذ الصائب منها؟ لا. إذن من أين يأتي كل هذا؟ الواقع يقول أنه شعور عام فمع الأستماع للأخبار المتفرقة والتي تتحدث عن الجائحة، و تعليقات مرتادي وسائل التواصل الاجتماعي حيال كيفية التعامل مع هذه الأزمة خلق نوعًا من القلق المبرر والغير مبرر من قِبلي على الأوضاع الراهنة والغير مستقرة. هل يكون الحل بالابتعاد عن تلك الجدالات؟ لا يمكن الجزم بالفعل نيابةً عن الآخرين لكن من ناحيتي أستطيع التأكيد على عدم استطاعتي عن عزل نفسي عن تلك الأحاديث، في الحقيقة عزلة المنزل حاليًا كافية بالنسبة لي.
أكتب هذه الأسطر والتلفاز يعمل على وثائقي تم تأجيل مشاهدته عدة مرات يدعى The Men Who Built America ومستمتعة به كثيرًا وبكمية الدهشات التي يجلبها لي مع فهم تام لماذا أصبحت أمريكا رائدة في الاقتصاد العالمي. لعل الحجر لم يكن سيئًا إلى هذه الدرجة لكن علينا الأعتراف فقد وضعنا في مواضع غريبة وغير اعتيادية مستغربين من ردات الفعل الخارجة من قِبلنا أما عن تقييم تلك الأفعال فالزمن كفيل بها.