الحلقة (3): لنتحدث عن ………. الشتات الإيطالي

BgrDysUCAAI44Ht

أو بمعنى دارج بشكل أكبر “هجرة الإيطاليين” سأعود قليلاً بالذاكرة إلى أمور قادتني للتركيز على هذا الموضوع.

من منا في الصغر لم يعشق أفلام الكرتون ويتعلق أكثر بشخصياتها وأماكن حدوث تلك القصص. في البدء كان هناك “الكابتن رابح”, لن أشرح قصة فيلم الكرتون كاملة ولكن سأذكر مقتطفات مهمة منه والمرتبطة بشكل كبير بموضوع هذه التدوينة, كان رابح يلعب ضمن فريق جنوة يحلم بالذهاب لميلان أصدقائه جوليان لوكا وآنا جميعها ملامح إيطالية بامتياز تجعلك تتعلق بالبلد بالطبع لم يكن رابح هو الشيء الوحيد الذي عرفني على إيطاليا بشكل أكبر هناك أيضا فيلم رسوم متحركة آخر يدعى “وداعاً ماركو” قصة الطفل الباحث عن أمه والتي هاجرت مدينتها جنوة (مرة أخرى نفس المدينة) ذاهبة إلى البلاد الجديدة في القارتين الأمريكيتين (كان اختيارها من نصيب الجنوبية تحدياً الأرجنتين) من أجل البحث عن لقمة العيش تلك أيضا معالم إيطالية جعلت هذا البلد يتبلور في رأسي ويصبح محط اهتمام, بحيث إذا قرأت معلومة أو خبر عابر في جريدة أو في التلفاز أجد نفسي منصتة ومركزة في ما أقرأه أو أسمعه.

الطفلة الصغيرة كبرت وأصبحت الرسوم المتحركة لا تستهويها كما كانت في السابق بدأت حينها بالتعلق بأشياء أخرى كالموسيقى والأفلام ومشاهدة مباريات كرة القدم وغيرها من الأمور التي تشغل بال أي مراهق. إيطاليا مازالت موجودة ولكن هذه المرة أتضحت صورتها أكثر في الاستماع للأغاني الإيطالية, لا أستطيع الإنكار بأن تلك اللغة الموسيقية لها سحر خاص حتى وأن كنت لا أفهم معنى كلمات الأغنية لكن من قال أنه من الواجب علينا فهمها.

أصبحت مدن إيطاليا وأقاليمها مألوفة لدي وأعرف السمات البارزة لسكانها (كلٍ حسب إقليمه) وتاريخها البسيط الذي حدد تلك المعالم. ومع دخول عالم الأنترنت أصبح من السهل علي تحميل أي وثائقي يتحدث عن إيطاليا, أو تعلم اللغة الإيطالية بشكل بسيط عن طريق بعض المواقع المجانية والاهتمام أكثر بفنانين إيطاليين (في مجال الرسم) ومعرفة لوحاتهم خصوصاً أن بلداً كإيطاليا مبدعة منذ القدم في هذا المجال. سأنعطف الآن قليلاً لأتحدث عن شيءً آخر قدم مع الأنترنت تحميل الأفلام وبما أنِ الآن في إيطاليا فيجب أن اخصص الموضوع أكثر ليصبح عن السينما الإيطالية, عجيبة هي الأفلام القادمة من هناك خصوصاً القديمة منها. السينما الإيطالية تختلف كثيراً عن السينما القادمة من هوليوود أنا لا أعقد مقارنة بينهما ولكن من وجهة نظري هنالك مزايا لكل منهما ولعل في النهاية من سيكسب هو نحن المشاهدين المتعلقين بالسينما لضمان توفر المتعة بشكل أكبر. لن أعدد لكم أهم الأفلام التي شاهدتها ولكن سأذكر اسم مخرجيين اثنين يستحق أن تعرجوا قليلاً على أعمالهما وستتضح من خلال أعمالهما متعة السينما الإيطالية (فيليني – تورناتوري).

لنخرج قليلاً من عالم الفن والموسيقى ونعود لموضوعنا الأساسي (الشتات الإيطالي) من خلال متابعتي لفنانين و مغنيين أمريكيين كثيراً ما أجد في سيرهم الذاتية مقولة أمريكي-إيطالي أو بمعنى آخر هذا الفنان من أصول إيطالية قد لا يكون مستغرباً في بلد مثل أمريكا تواجد هذا الأصول خصوصاً بعد معرفتنا جميعاً بكيفية تبلور الحياة الاجتماعية هناك ولكن لا أعلم هنالك شيء مميز بمن يحملون الأصول الإيطالية أحببت أن أطلع أكثر عن هذا الموضوع, ومرة أخرى هنا نستفيد من نعمة الأنترنت العظيمة, بحثت عن مقالات و أطلعت على مواضيع ذات صلة في الويكيبيديا و قمت بتحميل وثائقيات كلها كانت جيدة لكن ليس بالحد المأمول منها فقررت شراء كتاب يتكلم بإسهاب عن هذا الموضوع بحثت كثراً لكن كعادة مكتبتنا العربية المترجمة هنالك شح كبير في الكتب التركيز الأكبر على الروايات وليست بذلك العدد المأمول منه أيضاً فكيف بكتب تتحدث عن مواضيع اجتماعية-تاريخية لحسن الحظ قامت مؤسسة أبوظبي للثقافة والتراث بتبني مشروع للترجمة تحت مسمى مشروع كلمة يقوم بالترجمة في شتى المجالات قمت بالبحث في موقعهم ضمن قسم التاريخ والجغرافيا وكتب السير الذاتية لأجد كتاب تحت عنوان “تاريخ الهجرات الدولية” ولحسن الحظ مترجم من اللغة الإيطالية فحتماً سيكون هنالك تركيز أكبر على هجرة الإيطاليين نفسهم طبعاً كتب هذا المشروع لا تتوفر في المكتبات العامة أو الخاصة دائماً ما تتوفر فقط في معرض الكتاب نفسه فكان علي الانتظار حتى حين موعد المعرض, مرت الأيام وأتى يوم الافتتاح ووجدت المكان المخصص لهيئة أبوظبي للتراث والثقافة, والذي كان يحتل مكاناً واسعاً بالمناسبة, ظلت عيني تنظر للأسفل  مركزةً بشكل كبير على العناوين لألمح ذلك الكتاب الأحمر ذو الحجم المتوسط وكتب عليه “تاريخ الهجرات الدولية” فرحت كثيراً والتقطته بسرعة خوفاً من انتهاءه, كما يحدث غالباً في هذه المعارض.

بعد أيام من انتهاء المعرض بدأت بقراءته وجدت معلومات شيقة جداً من أهمها أن إيطاليا تعد من أكثر الدول التي قدمت مهاجرين دون دواعي حرب واقتتال أي لم يكن هنالك سبب لتشرد والخوف بل هجرة بقرار شخصي المعلومة الأخرى أن جل هجرات الإيطاليين تركزت في أواخر القرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين أي بعد أعلان دولة إيطاليا عن إقامة مملكة متحدة على أراضيها بعد أن كانت إمارات متنازعة ومعلومة أخرى أن معظم من هاجروا من هناك ينتمون إلى القسم الجنوبي منها أي من مدن وأقاليم كنابولي وصقلية كونها كانت المتضرر الأكبر من هذا التوحد حيث ظفر أهل الشمال بالغنائم والمناصب تاركين أهل الجنوب عرضةً للفقر ومن ثم التهجير كانت الوجهات الأكثر أقبالاً لهذه الهجرات مدينتي نيويورك وبوينس آيرس ولعل معالم وأحياء مدينة نيويورك تدل على وجود الكثير من الملامح الإيطالية لمهاجرين اتوها من هناك بينما في الأرجنتين تتضح من خلال الأحصائيات حيث تذكر أن 60% من الشعب الأرجنتيني هو من أصول إيطالية.

الموضوع يتشعب كثيراً وأنا هنا لست في محل لأن أتحدث عنه بالتفصيل ولكن ذكر بعض النقاط التي ألهمتني للتعلق أكثر به ولعله بدأ من مشاهدة فيلم الرسوم المتحركة “وداعاً ماركو”.

الحلقة (2) لنتحدث عن …….. خوليو

عرفت نفسي كمعجبة بأدب أمريكا اللاتينية وبعدة كتاب اتوا منها. لكنِ لاحظت عند قيامي بفتح مقطع فديو لأحدهم يقوم الـ You Tube  باقتراح فيديو آخر لخوليو كورتاثار هكذا, وكلما قرأت لقاءً أو مقالاً يكون أدب أمريكا اللاتينية عنواناً له أجد … إقرأ المزيد

الحلقة (1) لنتحدث عن…….. التنس

Processed with VSCOcam with m3 preset

دائماً ما أسئل عن سبب تعلقي بمشاهدة التنس (أو برياضة التنس بشكل عام) لا أنكر بأن هذا السؤال جعلني أراجع بداية ارتباطي بهذه اللعبة. بعض المعلومات قد محيت بسبب قدمها وبعضها مازال عالقاً حتى هذه اللحظة, لعلي سأجعل العام 1994م نقطة انطلاق للحديث عن هذه العلاقة.

كنا كعائلة قد انتقلنا للتو من مدينة الطائف بعد العيش فيها لمدة عامين بسبب عمل والدي في القطاع العسكري, ولعل العالم بخلفيات أمر هذه الوظائف فحتماً سيعلم أن التنقل من مدينة لأخرى سمة بارزة لها, عدنا للرياض واستقرينا في منزل جديد كنا نريد اقتناء ستالايت شبيه بستالايت الموجود في منزلنا السابق في الطائف (كان يعرض فقط قناتي mbc  و مصر) وفي ذلك العام تحديداً بدء توسع بث القنوات الفضائية أكثر حيث أصبحت على ما أذكر أكثر من عشرين قناة وانطلقت قنوات متخصصة بالرياضة  كالـ ART  طبعاً محدثتكم كانت تبلغ من العمر تقريباً 8 سنوات ونصف كنت مجرد منصتة ومتابعة لتحركات أشقائي الأكبر مني عمراً أحداهن كانت في مرحلة المراهقة (الثانوية تحديداً). كانت شغوفة بكل ما يبث على التلفاز من ضمن ما كان يشغل اهتمامها مشاهدة مباريات التنس طبعاً كنت لا أعلم أي شيء عن هذه الرياضة ولا عن قوانينها لكن المشهد ظل في بالي أجاسي ذو الشعر الطويل حاملاً كأس البطولة, اكتشفت فيما بعد انها بطولة أمريكا المفتوحة للتنس, وطبعاً كان اهتمام أختي ليس لجمال اللعبة بل لكونها معجبة بهيئة أجاسي وقصة الحب التي تجمعه مع الممثلة بروك شيلدز كحال أي مراهقة.

أتى العام 1996م انتقل والدي للعمل في مدينة حفر الباطن, لكن هذه المرة لم ننتقل معه لوجود اثنين من أشقائي في الجامعة فيصعب نقلهما إلى مدينة أخرى فبالتالي اضطررنا لترك والدي لوحده هناك لكن كل ما سنحت لنا الفرصة للذهاب ذهبنا وحتى لو كان مجرد إجازة نهاية أسبوع (خميس وجمعة). كان والدي يقيم في منطقة سكنية خاصة للموظفين العسكريين يوجد بها كل ما يلزم ليغنيك عن الذهاب إلى المدينة (حفرالباطن), والتي على ما أذكر كانت تبتعد عن المنطقة السكنية حوالي الـ 80 كيلو متر, كان الجانب الترفيهي والاجتماعي مفعل بشكل كبير في المنطقة أذكر مسرح النادي جيداً كانت تقام عليه عدة نشاطات ومسرحيات. أيضا كانت تقام المعارض للأعمال اليدوية الخاصة بسكان المنطقة, لا أذكر بأني قدمت إليها إلا وكانت مشغولة بتنظيم أمر ما. هنالك أيضا كانت توجد ملاعب للتنس تقريباً تلتف خمسة منازل بجانب بعضها على شكل نصف دائرة وفي آخرها يوجد ملعبين للتنس, لا أنسى تلك الأيام من عمري أبداً كنت أذهب أحيانا مع شقيقتي واحياناً أخرى لوحدي للملعب تعلقت به بشدة طلبت المضارب من والدي فوافق على جلبها من النادي الرياضي, كانا مضربين أحدهما كان على الطراز القديم الخشبي (ثقيل جداً لدرجة أن يدي أصيبت بإعياء كبير معه) والآخر أسود عصري يسهل حمله. كنت مستمتعة بركل الكرة لساعات وساعات وكادت عائلتي أن تنسى وجودي معهم لكثرة تواجدي في الملعب.

مر العام سريعاً وعاد والدي للرياض وانقطعت عن تلك الملاعب لكن ظللت ألعب التنس على هيئة سكواش (بركل الكرة على جدار المنزل وضربها مرة أخرى) لفترة طويلة لا أذكر متى انقطعت عنها لكنها ظلت لسنوات عديدة. لكن لنعد لذلك العام إلا وهو 1997م طبعاً تذكرون حديثي عن الـ ART  ونقلها لبطولات التنس لكن في هذه السنوات أصبحت مشفرة ولكن شكراً لله مرة أخرى بأن جعل لي أخوة يعشقون كرة القدم وتحديداً الدوري الإيطالي فكان لزاماً عليهم الدفع لمشاهدتها تاركين لي متعة مشاهدة التنس في هذا العام برز اسم لامع في عالم التنس الخاص بالسيدات المراهقة الصغيرة ذات الـ 16 عاماً مارتينا هينقيز أعجبت بها جداً وبدء تعلقي بمتابعة مباريات تنس النساء كنت بمجرد بدء مباراة للتنس الرجالي أترك التلفاز حتى تعود مباراة أخرى في تنس السيدات ومرت السنوات حتى أصبحت مشاهدة لعبة التنس وخصوصاً بطولات الجراند سلام جزء من حياتي أصبح لزاماً علي متابعتها كاملةً حتى إذا كانت مباريات في الأدوار التمهيدية كنت شغوفة حد الجنون.

في العام 2001م وفي بطولة ويمبلدون أتت مباراة بين فيدرير وسامبراس في الدور16 كانت مباراة من ضرب الخيال استطاع فيها فيدرير ذو الـ19 عاماً إيقاف مسيرة أسطورة الملاعب العشبية بيت سامبراس لن أدعي بأن أعلنت تشجيعي له منذ ذلك الوقت ولكن لا أنكر أعجابي بإدائه. مر عامان حتى بدأ فيدرير بالسيطرة الكاملة على بطولات الجراند السلام لم يكن هناك على الساحة من منافس آخر يليق بقدراته البعض يقول بأنها فترة مملة إلى أن ظهر نادال وبدأ بمزاحمة فيدرير على البطولات والبعض الآخر يقول أنها فترة ذهبية للاعب أسطوري كفيدرير لن تتكرر مرة أخرى, بالنسبة لي كانت سنوات جميلة كنت مشجعة للاعب أندي روديك تارة ومشجعة لليتون هيويت تارة أخرى لم أكن قد أعلنت عن البطل الخاص بي لكن أذكر في هذا العام أي 2003 ظهر شاب صغير يدعى نادال كانت له مباراة جنونية ضد يونس العيناوي امتدت لخمس مجموعات وانتهت بخسارته الجميع تحدث عن موهبته الفذة والتنبؤ له بمستقبل لامع في عالم التنس ومنهم أنا وفعلاً لم يخيب الظن فبعد مرور العامين توج نفسه ملكاً للملاعب الترابية, ومازال, أعترف , لا أعلم لماذا استخدمت كلمة أعترف ربما لإحساسي الضمني بإن تشجعيه كان كالذنب بالنسبة لي نظراً لتحولي بعدها لتشجيع فيدرير,  بأن كنت مشجعة وبحماس لنادال أنظر إلى نفسي الآن ولا أعلم السبب وراء ذلك الحماس هي فترة ومضت ولم تطل كثيراً لكنها كانت مسلية حتى وأن ذلك التشجيع والحماس تحول إلى النقيض تماماً.

في العام 2006م تقريباً بدأ حماسي ينصب كلياً تجاه فيدرير وأحب أن أطمئنكم بأنه مازال هو المسيطر حتى الآن لا وجود لتقلبات أخرى في التشجيع بل وأكاد أجزم بأن لن أعلن نفسي كمشجعة للاعب آخر كما فعلت مع فيدرير ستكون التنس بعد رحيل فيدرير مجرد مباريات لمتابعة الرياضة نفسها لا أكثر.

في أواخر العام 2013م توجت حبي لرياضة التنس بممارستها على أرض الواقع من خلال نادي رياضي ومدربة محترفة لا أستطيع أن أصف مدرى روعة هذا الشعور, أكتب لكم الآن وأنا قد اتممت العام تقريباً في ممارستها, بقي لي خطوة صغيرة ستكون الأروع حتماً في قصتي مع التنس إلا وهي حضور أحد مباريات الجراند سلام لا يهم أن كانت لفيدرير أم غيره من اللاعبين ولكن المهم هو الشعور بالمباراة وهي أمامك والكرة قريبة جداً منك أتمنى من كل قلبي أن ييسر لي الله هذه الرحلة العين والتركيز على شهر مايو من العام الحالي لبطولة رولاند غاروس في باريس أمنياتي بأن تكتمل وأن لا تتعرقل دعواتكم لي بتحقيقها.